قبل السفر بأسبوع بدأت أقرأ أكثر عن بلاد السرنديب، أدركت أنها استعمرت على يد البرتغاليين منذ عام 1505 م-1658 م، ومن بعدها أستعمرها الهولنديين حتى عام 179، حين طالها الاستعمار الانجليزي الذي تحررت منه عام 1948 بعد خوض نضالها من أجر التحرر(ومثلما ذكر في احدى مواقع السياحة الاسرائيلية “يا للصدف أيذكركم هذا العام بشيء/ انه تحررنا من الانجليز كذلك”- وشتان ما بين تحرر سيلان ونكبة فلسطين واستعمارها على يد الحركة الصهيونية ) .
بعد نيل سيلان الاستقلال باربعة عقود نشبت في البلد حرب أهلية ما بين القوات المسلحة للجمهورية السيلانية الاشتراكية وبين الأقلية التاميلية التي مثلتها الحركة الأقوى والأكثر شعبية وهي حركة نمور التاميل ايلام LTTE، حركة تحرر طالبت بالنيل على حقوق جماعية للاقلية التاميلية الهندوسية التي تقطن في الأساس شمال شرقي سيلان، اتخذت الحركة طريق النضال المسلح لتحقيق أهدافها التي طالبت لاحقا بالاستقلال عن الدولة وانشاء دولة منفصلة.
جئت الى سريلانكا مع رأي داعم جدا للاقلية التاميلية على أساس كوني أنتمي لشعب مضطهد فاقد السيادة والحقوق الجماعية ولا يمكن تجاهل خصوصيتي كفلسطينية تعيش داخل دولة اليهود مما يزيد من تفهمي لشعور أقلية في بلدها داخل اطار سياسي يتجاهل وبل يشوه حضارتها، ثقافتها لغتها ويحافظ دوما على ابقائها أقلية فقيرة مهمشة. رغم هذا الادراك الأولي من المضحك أنّك دائما تواجه نفس الأنماط من الأغلبية التي تحاول الاثبات رغما عن الوضع أنّ كل شيء على ما يرام ولا توجد أية تفرقة عنصرية وانما النضال المسلح للتاميل هو الذي هدد أمن البلد وبينما الشعب التاميلي يعيش بأخوة وسلام مع بقية الشعب السيرلنكي، حينما بدأت أسأل الناس الذين صادفتهم عن التاميل وحالتهم اليوم عبر غالبهم عن حبهم للرئيس الحالي لأنه انهى الحرب الأهلية وحل السلام وعادت المحبة ..كلام مستهلك فيه شيء من البساطة. خلال مكوثنا في هيكداوا قابلنا شخص أتقن الانجليزية وطال الحديث معه حول الوضع السياسي في البلد قال أنّ الشعب يؤيد الحكومة الحالية رغم فسادها الا أن سياستها الخارجية مناهضة للسياسات الامريكية وترفض العولمة وسيطرة الصناعات الامريكية وتشجع الصناعة والانتاج المحلي وادعى الاخير انّ الحرب مع التاميل كانت بسبب استعمالهم للعنف وأنّ الامم المتحدة تهاجم سريلانكا وتتخذ اجراءات ضدها كذريعة بينما يعيش أهل البلد بتعايش وسلام ولا توجد أية تفرقة تتبعها الحكومة مع التاميل. بعد أن حفزني للبحث أكثر عن تلك الحرب وجدت أنّ التاميل هي أقلية اثنية مضطهدة، بدأت كحركة تحرر تطالب بحقوق جمعية وتمثيل التاميل في البرلمان ومن ثم تحولت لحركة تتبع النضال المسلح وتطالب بالانفصال بعد أن صمت السلطات اذنيها عن مطالبها، وبأية حال، فكرت مجددا بقضية شعبي وعجبت لكم فعلا بامكان شخص لم يولد هنا ولم يدرس تاريخ الاستعمار والتهجير والتطهير العرقي في فلسطين أن يتوه وهو يبحث عن الحقيقة… رغم أنّ القضية تختلف بحيثياتها التاريخية.