بعد قضاء حوالي 3 ساعات في نيجومبو تعبنا، وكان بإمكاننا المواصلة حتى نصل إلى هابرانا (الطريق المباشرة تستغرق ساعتين ونصف كما اخبرتني خرائط جوجل ولكن في الواقع الوقت مضاعف بسبب البنى التحتية القديمة وبسبب سطحية جوجلمابس). خلال الطريق كان بإمكاننا الوقوف لاستراحات في السهول والاستمتاع من طبيعة القرى على جوانب الطريق لكننا استغرقنا في نوم عميق بعد أن توالى المنظر عبر شباك سيارة الأجرة، أشجار كثيفة خضراء بيوت اسطورية ملونة مضخات ماء بسطات صغيرة تبيع الخضار والفواكه الملونة التي نتعرف على بعضها فقط.. بضعة مشاهد تتكرة حتى وجدت نفسي في نوم عميق استيقظت منه مرغمة عند الوصول لهابرانا.
التعببببببببب، السفر وقلة النوم تهد الجسم، ما ان تسلمنا مفاتيح الغرفة.. واذ نحن نستغرق مجددا في نومنا..
الفندق رهيب هو داخل غابة او محمية طبيعية كما يبدو، فيها البحيرات الابقار السناجب ويأتي صيادو سمك الى هذه البحيرة في الصباحات الباكرة وكما فهمنا من أحد الصيادين في البحيرة أنواع كثيرة ونادرة من السمك. اه والقردة! القردة حبي الجديد، أذكياء أشقياء وعنيدون، متواجدون هنا كما القطط في بلادنا، القطط هنا نادرة الوجود مع الايام صرنا نندهش كلما صادفنا قطة.. هل يأكلون القطط تسائلنا واذ يتضح ان المجتمع السيرلانكي والتاميلي (وأيضا سكان الجزيرة الأصليون وهم قبائل ال-فيدا-أو الوانيا لايتو) بالكاد يأكل اللحوم (يتبعون نظرية ابن خلدون كما يبدو:-)) طعامهم يقتصر غالبا على الخضار والأرز والأسماك، خضار عديدة متنوعة تعرفنا على بعضها هنا فقط، تواصل الناس مع الطبيعة واعتمادهم عليها كبير، العولمة لم تطل عقول معظمهم وهذا جميل. فكرنا كثيرا لو كنا نستطيع العيش مثلهم دون التكنولوجيا دون نهج الحياة السريع حيث نركض ليل نهار لأجل المستقبل، وننسى أن نعيش الحاضر مرارا، هل سنصمد دون هواتفنا النقالة التي تقلص لنا اصدقائنا وعملنا والخبر في كفة يدنا ونفطم أنفسنا عن فحص تغييرات العناوين لحظة بلحظة؟ نشك كثيرا بالأمر، قد نستطيع العيش طبعا ولكن قد نصاب بكابة اثر الفراغ اثر الوحدة التي سنواجه بها أنفسنا للمرة الاولى بهدوء لم نعرفه أبدا من قبل، يبدو الامر مريب الا انّ حياتنا مريبة أكثر في الحقيقة. كم نحن متعبون من نمط الحياة الرأسمالي الذي يشدك باستمرار لتكون مثل الجميع لتكون حياتك مليئة بالأغراض لتحتاج الى شراء الكثير وأكل الأكثر مما لا يحتاج جسمك أصلا..أين وصلت ؟ ياه التشتت، عدوي الأبدي. على أية حال ستتكرر هذه الافكار وغيرها كما حدث معنا خلال السفر.
سنمكث هنا مدة ليليتين في هابرانا، أساسا لزيارة أماكن ومناطق حول البلدة منها صخرة سيقيريا أو جبل الأسد كما يسمى (واحد من عجائب العالم كما أقر اليونسكو) وقد كان في القرن الخامس قصر على رأس الصخرة ومن بعد انهيار الملك كاسيابا الأول حينها، أقام في المكان رهبان. على الصخرة توجد رسومات جدارية قديمة ل-500 امرأة ولكن جزء كبير منها تم ازالته على يد الرهبان بحسب الادعاء السائد. توجهنا الى الصخرة النهار التالي في الصباح الباكر بعد أن كان النوم قد قرف منا، قررنا الذهاب في المواصلات العامة، اخذنا الباص المؤدي الى بلدة قريبة من سيقيريا ومن هناك أخذنا التوك توك لنصل موقع الصخرة. الصخرة ضخمة!! من حولها بحيرات ماء مستطيلة الشكل في وغابة كثيفة خضرا، الصعود يبدو أمرا صعبا لكن يتضح أنّ هنالك درججج (لاحقا سنكره هذه الحروف مجتمعة د ر ج) .. نصعد نهلك هذا اول جهد جسدي منذ وصولنا، أحضر الاخ “هو” أنّ هذا الصعود هو مجرد مقدمة لقمة السري بادا التي تنتظرنا.. فاجأني هذا بقوته رغم سنه (أكبر مني ب 6 سنوات يعني، يبلغ ال 33!!) وتدخينه المستمر، حسنا لم أتحرك منذ أشهر/ أتعب الهث لأقف كل 10 درجات، من حظي أن هنالك كثافة سكانية عالية من الصاعدين والنازلين.